الذين فرحوا بقرار المستشار أحمد رفعت بجعل المحاكمات متتابعة ويومية، صدموا بقراره الاخير بوقف البث التليفزيون لوقائع محاكمات مبارك وأبنائه والعادلي وأعوانه.. هؤلاء كانوا ينتظرون مسلسلاً يومياً للتسلية والفُرجة.. والذين رأوا أن في إذاعة المحاكمات علي النحو الذي ظهرت عليه فيه مخالفة لمفهوم العلنية هؤلاء استقبلوا القرار بالترحيب والفرحة.. وظهر واضحاً أن قرار رئيس المحكمة لم يلق قبول الجميع.. انقسم المصريون بين مؤيد ورافض له بالثلاثة.. ولعل ذلك فيه اشارة الي ان المجتمع ككل لن يرضيه حكم ستصدره هيئة المحكمة وإن طال الأمر.. ولعل ذلك ما يجعل أي قاض أن يحكم بالعدل دون النظر إلي رأي الناس ومشاعرهم، لأنه في النهاية لن يرضي الكل.. والعدل عنوان الحقيقة والحقيقة تحتاج الي جهد لاجلائها وإظهارها. وهذا يستلزم مناخاً غير الذي رأيناه خلال الجلسات الماضية. والتي كانت تذاع عبر شاشات التليفزيون وعلي الهواء. وحسناً فعل المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة عندما قرر وقف بث وقائع المحاكمة عبر التليفزيون. ولعل ذلك هو الأنسب في مرحلة ما بعد الجلسات الاجرائية.
ومن المؤكد أن المحاكمات ستتناول أسراراً في إفشائها مساس بالأمن القومي للبلاد. ولا يستقيم أبداً ان تُذاع أسرار قد تضر بالمصلحة العامة.
وإذاعة المحاكمة علي الهواء مباشرة ربما كان فيها مخالفة لمفهوم علنية المحاكمة. إذ إن العلنية لا تعني بأي حال من الاحوال ان تذاع الجلسات عبر التليفزيون.. وقد يكون ذلك ما دفع المستشار «رفعت» لأن يقرر وقف بث وقائع المحاكمة علي الهواء، حفاظاً علي سرية مطلوبة في هذه المرحلة.
وإذا كان قرار يخص إجراءات سير المحاكمة قد أثار كل هذا اللغط في المجتمع بين مؤيد ومعارض، فماذا سيكون الوضع عند اصدار حكم في القضية؟! ولماذا يتعارك ويتصارع الانصار والمعارضون إلي حد إسالة الدماء؟
الوضع جد خطير.. ويحتاج الي تحكيم العقل والتسليم سلفاً بأي حكم يصدره قاض يكتب بعد كل حكم يصدره عبارة شهيرة عنه: «أنا أحكم من خلال الاسانيد والأوراق والبراهين.. والرأي العام لا يعنيني عند مقابلة رب كريم..».. وهو القائل إن كل القضايا واحدة أمام القضاء..
والمستشار «رفعت» قاض اشتُهر عنه أنه محايد ولا يخشي في الحق لومة لائم. فهو من حكم في قضايا فساد لكبار في البلد بالسجن المشدد. وهو أيضاً من أخلي سبيل قيادات الاخوان في قضية «التنظيم القطبي». وهو من تنحي عن التحقيق مع نائبي رئيس محكمة النقض المستشارين هشام البسطويسي، ومحمود مكي. وهو القاضي بالعدل في قضية الآثار الكبري.
لنثق في حكم ننتظره وسينطق به قاض اشتهر بعدله، ويدرك انه يجلس علي منصة العدل والقضاء، ويحتكم إلي القانون وضميره الحي ويدرك انه لا يجلس علي خشبة المسرح ينتظر تشجيع الجمهور، وثناء النقاد!!
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - كيف سنتقبل الحكم؟!